الخميس، 17 فبراير 2011

أمُّ الطّيبين!




أمُّ الطّيبين!
علي عميص




مثلما يتلبّد الجوّ بالغيوم وتتفاعل فيه الذرات الهوائية ثم ما تلبث أن ترعد وتبرق حتى تهطل الأمطار، كذا نواحي قلبي الذي تتمخّض فيه - الآن - ذكريات عاصفة بفعل رياح الغربة التي هبّت عليّ هذه المرّة (ستمائيّة لا شرقيّة ولا غربيّة) بعدد الأيام التي مرّت على سلخي عن لحمي ودمي، عن أم الطيبين وأمي..!

يا دليلي إلى نور (المعنى)!! يا بريق العواطف يلمع في عينيك، ينطلق سهاماً عشقيّة تجتاح تلابيب القلوب، تشهد أن الله حق، وأن الوجود يبقى جميلاً، وأن أثيراً تنتشر فيه نسائم الإيثار يغدو جليلاً.

قبسات من سنى أمومتك العظيمة أتتني زائرة هذا المساء، كيف أنت يا ساهرة على راحة البؤساء.. لا تنام!

كنت أسألني، ما لك وقصّة ذاك الإنسان الذي قال التلفزيون إنه هجر عائلته لعشرين عاماً، ولم يسأل لماذا بكيته؟.. كم كنت (قزم) التفكير إذ لم أدرك يومها أن تلك (الحالة) تكون أنا أو يمكن أن تكون! وأن قصة كل إنسان هي قصتنا نحن أبنائك المعنيين - كما تفعلين - بليس أقلّ من أحزان الكرة الأرضيّة.

كنت تحضرين (نشرة الأخبار) - على الجثث التي فيها - لا لأنك تهتمين بالسياسة أو بأولئك الذين يستقبلون ويودّعون.. بل لأنك حريصة على أن تحفظي لابنك أخبار الساعة الثامنة كلّما كان غائباً لتُسمّعيها له عندما يعود!.

أذكر يا أماه (درع الحب) الذي ضربته من حولي، أطبقته حتى على (زين العابدين) ابن عمي الصغير الذي كان يزورني يومياً لنلعب معاً فتتصدّى له على الباب وتعبسين بوجهه وتنهرين ذاك الطفل الأرعن كي يخاف ويهرب، فإذا ما استقوى بصداقتي ضعفت أمامه ورفعت له الحاجز، ولكن أنّى له أن يدخل لي! كنت تأخذينه إلى أي أحد إلا أنا، المخصص أولاً كما ترغبين للشؤون الدراسيّة!

تحرقين دمك وشبابك كُرمى لعيون الأبناء الخمسة، وما تبقى في هذا العالم من معنى وروح.. أما أنا الذي كان يبخل عليك - ابتزازاً - بتوصيلة صغيرة في السيارة للقيام بواجب اجتماعي أو حتى (بحبّة بنادول) تطلبين إحضارها من الصيدلية، كنت صبياً طائشاً ليس يعرف ما أمامه من كنوز هي أنت.. وتعلمين عنادي!

من وراء الكواليس تحدّيتني أن أكون مُحباً ونجحتِ - يا لروعتك - (لي)، فهاأنذا (ابنك) أهجم كلّما لاحت لي تلك الوصيّد - أمك، ثم أمك، ثم أمك - أعرف أنها قضيتي وأنك مهمتي، ثم لا ألبث أن أخافَ وأتردد لأن معركة الرد على هجوم حنانك قدرها هزيمتي، فأنا من جبلتُك صُنعت.. هاتفيني عبر صلاتنا واذكريني.. سامحيني، وإن كنتِ - الآن - بعيدة عن مرآي..

كلما زار الرقاد محاجري في المنام، كلما جالستُ إنساناً تواريت أنتِ خلف الكلام، وكنتِ الضمير المستتر الذي يبعث في الحروف كل صدق واحترام..

ربما تجمعنا الأيام، وتنسيني ذات صبحٍ قريب وحشة حياتي الإفراديّة هنا، لحظة أرى بريق عينيك وأسمع نبرة لكنتك الأعجمّية.. ولست أبالي ببعد المسافات التي عليّ أن أقطع، أنت مشواري في هذه الحياة، فهل أصل إليك ذات يوم؟!

كاتب وصحافي لبناني
omaisali2000@gmail.com

حاسوب القرية .. امرٌ ونهيُ وأفعال أسطوريّة !



حاسوب القرية .. امرٌ ونهيُ وأفعال أسطوريّة !

الكاتب: علي عدنان عميص

أسوة بأخواتها في كل الأنحاء ، كانت قريتنا وادعة ، هادئة ، هانئة ، ما برحت رغم " تفتّح " البشر تكتنز حظاً وافراً من أريحيّة العلاقات الإنسانيّة ، أطفالها يلعبون على البيادر ، قرب الجداول الرقراقة وفي الأزقّة والطرقات ، يتعاركون ويضحكون .. رجالها يتزاورون ، نساؤها يتحلّقن حول فنجان القهوة ،يملئن الدنيا قيلاً وقال ! الديك كان صيّاحاً وقطعان الماشية تمضي مسرعة عند كل صباح لتلتهم الأعشاب في الحقول، وتعود في المساء تمشي الهوينى بعد أن أرختها التخمة وأتعبها طول المسير. وكانت الطبيعة مدرسة، الطيور لدرس الحريّة، وسنابل القمح لمجد الكادحين، أما تلك الأشجار على قمم الجبال فلرسم الجمال في نفوس الناظرين.. لكن الذي حصل فيما بعد كان إنقلاباً في المشهد الوجداني ، فمنذ عقد ونيّف ، لا أدري من ذاك الذي استقدم إختراعاً تحار له الألباب ، قالوا إسمه " كومبيوتر " ، أدخلوه على أنه ضيف جديد وراحوا يتكلمون عن أصله وفصله وأفعاله الأسطوريّة ، والحق أن ضيفنا لم يكن _آنذاك _ غير ذلك بالنسبة لنا نحن اليافعين ، بدى أنه أرقى ذكاءاً من البشر ، فهو يحل معادلات الرياضيات والفيزياء والكيمياء ، بل إنه يضع في تصرفنا كل علوم الأرض ، ويختصر التاريخ في قرص مدمّج ! وهو إلى ذلك مصدر مرح وتسلية ، مفعمٌ بالألعاب ، يجعل الأحلام في قبضة اليد كلّما لامست الأصابع لوحة الأزرار ! أيّام.. وأنسانا هذا الوافد إلينا من بلاد بعيدة الكثير عن أنفسنا ، واختلس منّا زمن البساطة ، ومشى بنا كما يشاء! سكن خلايانا وألهانا ، فلا رياضة ولا تسكّع على الطرقات ، ومشاوير الغروب فقدت إغراءها ، حتى الزيارات ما عادت " واجباً " ، فأهلاً بأي صديق أو قريب شرط أن يأتي هو إليّ أنا المتسمّر دائماً _ هنا _ أمام شاشة محبوبي العجيب ! وتستمر" فتوحات " الكمبيوتر فيدخل مجاهل أفريقيا ويلبي نداء غابات الأمازون العذراء ، تستقبله قبائل الأسكيمو في القطب المتجمد الشمالي ، الكل ينبسط له ، يعامله بدلال ، حتى لكأنك تراه يضحك في سرّه على الإسكندر المقدوني وجنكيز خان ونابليون بونابرت ، يقول لهم " ركبتم البر والبحر وسقطت في قبَضاتكم دُول ، لكنّ بطولاتكم زالت معكم أو بعدكم في بضع سنين ، أماّ أنا فقد ملكت القلوب والعقول ، أنا حاجة يصبو إليها الناس ، تناديني البشريّة وتلحُّ عليّ :" أين أنت تعال ! " وتمضي السنون ، فنصل إلى حالة الإندماج الكلّي مع الكمبيوتر ، وإنك لتسمع واحدنا يقول : " قد أصبر على بُعد الغوالي _ الأم والأب والصاحب والولد _ لكن سلخي عن هذا الجهاز مُحال ! ، إنه حاضري وغدي وأنا بعيداً عنه لست سوى صفراً من الأصفار ! والحال .. من ذا الذي كسا "ضيفنا" التقني هذا سطوة كبار الفاتحين ، فاستحوذ علينا وجنّدنا في عالمه المعلوماتي ثم سيّرنا " آلاتاً " على نسقه ، وأعاد برمجة الرغبات لدينا ، فبعد أن كنّا نرتمي في أحضان طبيعتنا ونهيم بجمال قريتنا ، إذا بنا نكتفي اليوم باستراق النظر إلى تلك الذاكرة عبر صور نحتفظ بها على شاشة تقاس أبعادها بالبوصات الباردة ! يومنا صارعملاً لا ينتهي في عوالم بلا حدود .. والعمر يمضي وقد هلّت بشائر المشيب ونحن لا نزال وراء قضبان الكومبيوتر ،" نفنجر" أعيننا ، لا نعدّ المساءات ، ونحيا مع هذا " المحبوب " في نعيم مقيم !!

تعريف بمجلة SmartCity

حكايتي الفيروزية .. حبة لوز مُرّة !






حكايتي الفيروزية .. حبة لوز مُرّة !
علي عميص ــــ الرياض: غربتي حبّة لوز مُرّة .. أن تكون بعيداً عن حكايتك الفيروزيّة التي إستحالت أسطورة في أطياف خيالك لا تبارحه، حبّة لوز مرّة .. أمّا الموقف السريالي فأن تقرر العودة لتعيش أحداث الحكاية بعد طول تخطيط وتصميم، ثم ما إن تدوسّ قدماك تراب البلد حتى يمور تحت نيران العدوان الإسرائيلي ! من أين طبّ كل هذا " الموت " علينا دفعة واحدة ؟ تباً !
نزقٌ ما أصابني على متن الطائرة، شعور بفائض هائل في ميزان العواطف، كتيبة من مضيفات رفيعات الطراز يحكمن عليّ الحصار، يرشقنني برصاص البسمة وعلى محيّاهن ألحاظٌ كأسياف تنادي 00 على عاصي الهوى الله أكبر!

ولمّا بلغت مطار بيروت كان الصاروخ الذي في بالي أمام عيني فيما بدا هديّة من السماء لي، أدرت الأمر في رأسي طلوعاً ونزولاً فخلصت إلى نتيجة مفادها أن الإجازة هذه "عاصفة " الملامح، هنيئة، منعشة، دافئة !

ووصلنا ..

هنا القرعون، بلدة لولا عبود، وجارة قمر مشغرة ، وهذا الراديو الذي في السيارة، عبره يتحدث المذيع من إذاعة لبنان الحر ويقول في خبر عاجل أن حزب الله أسر جنديين إسرائيليين، صديقي وأنا إنبسطنا ورحنا نتفلسف في السياسة، كيف أن هذه الخطوة ستقوي موقف الحزب، وكيف أن نجاح العمليّة سيدعم موقف الفلسطينيين المحاصرين في غزة ورام الله، لم يخطر في بالنا أن الأيام القادمة ستكون كابوساً على الجميع وأن كل ما حكيناه في السيارة كان نشازاً وخروجاً عن لحن الموت الموعود!

توالت الأحداث بسرعة الناس الذين يموتون ويألمون ويحزنون ويصمدون ويقاتلون وينتصرون بيننا اليوم، هؤلاء الذين هم ملح الأرض يمشون هنا في شوارع بلدتنا وعلى" كورنيش الضيعة " الذي أمسى أشبه بكورنيش عين المريسة لكثرة " الكزدرجيّة " في فترة ما قبل الغروب، هنا الجو - وإن كان مشحوناً بالقلق - إلاّ أنه يوحي بالحياة، عجقة شباب ونراجيل يتوسطهم بيّاع العرانيس " الذرة "، دردشة مفتوحة وسيارات تمشي الهوينا، تتحدّى كل من أراد لها إقامة جبريّة في الكاراجات !

الأخبار تشيع الأحزان، موجة إجلاء الرعايا عمّت كل الأنحاء، وجُل المغتربين لملموا أغراضهم، عادوا على وجه السرعة من حيث أتوا، كل بيت تدخله ترى في ما وراء الوجوه خوفاً على شيء ما، هو وطن، ولد، بيت 00 التلفزيونات قبلة الأنظار وما تنقله من أحداث مدخل لكل حديث! أما في الوقائع 00 إمرأة من بلدة بلاط تقود سيارتها مع قريبتها وأبنائها الصغار تقف بجانب المدرسة المغلقة، تبكي حالها ولا تعرف إلى أين تذهب !

وتلك المرأة القادمة من الخيام دخلت لتجري إتصالاً من المستوصف مع من بقي من عائلتها هناك، عن آخر الأخبار تسأل : يجيبونها بلا مقدمات 00 زوجها، إبنها، صهرها، صاروا شهداء 00 تسقط المرأة في نوبة من صراخ وتنهار 00

وأم عبّاس التي عبَرت في الوقت الفاصل ما بين صاروخ وصاروخ من يارون الحدوديّة إلى البقاع الغربي ، حكت عن رحلة الذعر00 وكيف خرجت من بيتها مع أولادها بعد أن سقط صاروخ قربه ، توجهت إلى المسجد فإذا بصاروخ آخر يسبقها إليه 00 إذاً لا أماكن آمنة وعلى الكل أن يغادر، وفي لحظة نظرت أم عبّاس أمامها لترى سيارة، حركتها وإتجهت بها نحو صور ، تركت السيارة هناك وجاءت إلى بيت والدها " الآمن "، لكن إبنها عبّاس ظلّ يخوض معركته مقاتلاً على الخطوط الأماميّة، وعبّاس هذا الذي أجرى عدّة دورات تدريبيّة في إيران فريد من نوعه، يكفي أنه قال لزوجته ليلة زفافه بالذات :" إسمعي، ربّما تصبحين أرملة في وقت قريب! "

صمد عبّاس وعاد إلى قواعده العائليّة سالماً، زارنا بعد يومين من وقف " الأعمال العدوانيّة " مهندَماً معطّراً كأنه قادم من بلاد العم سام، زارنا منتصب القامة مرفوع الرأس كأي محارب منتصر قادم من جنوب لبنان 0

وعندنا داخل جدران المنزل، أبي يحب السيد حسن وعمامته وصواريخه وسياسته وساحته، تعارضه بشدّة أختي الحريريّة الصغيره، يُجمع الطرفان على حنكة نبيه بري ودولته، لولا الرئيس بري لما كان في بيتنا " وحدة وطنية " !00

أمّا أمي التي لا تريد إلاّ أن نحيا بأمان ، هجست بجملة واحدة "عليك أن ترحل "، هي التي ضبّت لي الشنطة وقالت لي سافر !

*** *** *** لبنان أدب هوميروسي، إلياذة وأوذيسّة في آن معاً، فعل موت وقيامة، و ليس اللبنانيون سواء 00 منهم من يحيا اليوم في كوخ الألم 00 ومنهم من يبدع في علك الكلام الفارغ على رنّة العود وعزف الكمنجة 00 آخرهم من يروّج لسيادة سطحيّة على الطريقة التي تروج فيها المافيا المخدرات 00!

ولمّا كانت فيروز " المعنى" قد أحبت لبنان وغنّت لمن يبقى ومجّدت حتى العذاب فيه، فإن طردنا من لبنان عذاب !

نهاجر - ولا نشكو - لأن منّا من لا يريد أن يكون فداء لهذا " الزعيم " أو ذاك، لا بالدم ولا بالروح ولا حتى بالإصبع ولا بالظفر ولا بأي شيء آخر !

لا العنزة ظلّ لها مرقد في هذا البلد، ولا نحن لنا مقعد، ولا كرامة لنبيّ في وطنه •

omaisali2000@gmail.com

جوّال على سطح القمر



جوّال على سطح القمر
الكاتب: علي عدنان عميص

امسك الجوال بيدك وانظر إليه، اركب جواد المجهول واطلق العنان لخيالك، وعلى تخوم الدهشة اضغط على زر الدخول (إنتر)، أنت الآن في زمن (التقنية)...
صور تتراءى لك من كل حدبٍ وصوبٍ، أشكال وأصوات، رنّات وعبارات، جمال وقبح، مشاعر إلكترونية فيها الفرح والأسى، تناقضات متشابكة تلتم بما يشبه الحلم، واختراعات متناثرة تدنيك من مذاق (اللذة) في العلم، كل الغرائب أمام ناظريك، أحلم أم علم؟ أيعقل أن يكون هذا هو الهذيان؟
لا ياعزيزي.. في عالم العلوم كل شيء (واقع)، فلا مستحيل هنا تحت الشمس! حقاً عجيب هو ذاك التطوير الذي بلغته تقنيّة (الجوال) في وقتٍ قياسي، فالذي توصّل -مثلاً- إلى قناعة يستحيل بموجبها إدارة شركاته العملاقة بغير ركيزة الكمبيوتر وشبكة الإنترنت، ربّما صار عليه أن يعد في نفسه العدّة لاستبدال هذا كلّه بأجهزة الجوال التي في طريقها لاختصار الكل في جهاز واحد لا يزيد حجمه على السنتيمترات.
والحال هذه ربّما يصير باستطاعة المديرين الكبار - ولو بعد حين- أن يقوموا بمعظم أعمالهم وهم على شاطئ البحر أو في السيارة أو حتى في صالون ما يرتشفون القهوة وذلك بمجرد كونهم يحترفون الضغط على الأزرار..
أجل.. إنه قد تبدّل الزمان وأساطير الأولين وكثير من الحكايات الخياليّة في عصر مضى صارت تروى اليوم اختراعات وحقائق علميّة!
وآخر الخيال أوّله.. أسبق أن تصورت نفسك (سوبرمان) تطير في الهواء فوق السحاب وفي يدك هاتف جوال تتحدث من خلاله إلى من تشاء، أو أنك على سطح القمر في جلسة سمر، تهتف عبر جهازك:
كيف أنتم يا سكّان الأرض؟
إنّ كل هذا ليس على (الإبداع) بعزيز.

(العنف) يُهذِّب نفسه ويطرق باب الاعتدال !







العنف يُهذِّب نفسه ويطرق باب الاعتدال
علي عميص(*)






إذا كان هناك من يريد - فعلاً - معالجة ظاهرة ما يُسمّى (الإرهاب) توطئةً لوضع حدٍ لهذه الأزمة العالميّة، فإن أبواباً طبيعيّة يُمكن الدخول منها للخروج من هذا الواقع الخطير!

إن هذه الحالة وإن كانت ملتبسة وكثيرة التداخُّل والتعقيد في كثير من المواقف، إلاّ أن النظر فيها بدقّة للوقوف على الوقائع التي حدثت مع ربطها بمكانها وزمانها وشخوصها والعوامل المؤثرة فيها، كلها مجتمعة تُمكِّن من وضع الإصبع على الجرح وتشخيص العلل ومنع تفاقمها وصولاً للبرء منها.

وليس هناك ما يدعو للتوجُّس من نيّات بعض الشباب المسلم الملتزم قضايا دينه ما دامت الدولة قادرة وصاحبة الأمر والنهي ولها أجهزتها الرقابيّة القائمة، وليس ما يدعو - بالمقابل - هؤلاء الشباب إلى سلوك طريق الاعتداء ما دام مجال التعبير عن الذات والقناعات متاحاً في إطار القوانين المرعيّة الإجراء.

نعم، هناك شباب مسلم يميل إلى العنف في سلوكه الاجتماعي ويلجأ للقوة غير القانونيَّة لتغيير واقع قائم، وإني لأذكر في هذا السياق عدّة مواقف كنت شاهداً عليها في فترات زمنيَّة مختلفة.

في منتصف ثمانينيات القرن العشرين اشتد عود بعض الشباب المتحمِّس إثر (التزام ديني) مستجد وفي بيئة كانت بعيدة عن الأجواء الدينيّة المحافظة في دولة إسلامية بعد ما ألمَّ بها من تأثُّر بادٍ بعادات وأنماط عيش أجنبيَّة، قام بعض هؤلاء الشباب بقطع التيار الكهربائي أحياناً على الحفلات الراقصة المختلطة وغير ذلك من التصرُّفات التي كانت تتم بدافع تغيير (المنكر) باليد كما يعتقدون!

تمَّ - آنذاك - إلقاء القبض على هؤلاء ومعاقبتهم مباشرة لاعتدائهم على أملاك الغير وسُجنوا (دون تنكيل أو تعذيب) وقد خرجوا - فعلاً - أكثر هدوءاً وتعقُّلاً مقتنعين تماماً أن أسلوبهم كان خاطئاً وأن عقابهم كان مستحقاً، كان هدفهم كما قالوا (درء المفاسد) عن أهل بلدتهم، لكن أسلوبهم تُرجم على أنه فعل اعتداء واضح، على أن هدفهم قد تحقق فيما بعد، لكن ليس بفضل قوة (عضلاتهم)، بل بفضل الحراك الاجتماعي الطبيعي، فقد راح إقبال الناس على التديُّن يزداد، ظهر هذا في المساجد والمدارس وأغطية رؤوس النساء وعودة بعض العادات الإسلاميّة التي تبنَّاها الناس باقتناع والتزام.

هؤلاء الشباب كانت لهم أدوار أخرى، عبّروا عن أنفسهم أيضاً بطرق متعددة، كنتَ تراهم في تلك الفترة يطلقون لحاهم ويحملون سواكاً، يلبسون العباءات أحياناً ولا يصافحون النساء لأنها كانت تشكل موقف تحدٍ من قِبلهم في وجه المجتمع بأسره ومنه الأهل والأقارب، وإني لأذكر في تلك الأيام كم كان يعاني الشاب (الملتزم) في أول طلعته إذا ما أراد أن يترك لحيته، كان لا بد له من مواجهة مع المجتمع تنسحب على كل تفاصيل حياته.

هؤلاء الشباب حاولوا بشدّة، في تلك الأيام محاربة ما اعتبروه بدعاً وانحلالاً فقاطعوا الاستماع إلى الموسيقى والغناء وكذلك الأفراح المختلفة وغير ذلك من السلوكيّات الخاطئة، لكنهم بالمقابل أيضاً لم ينتهجوا السلبية المطلقة في هذا الموضوع بل أوجدوا البدائل، فهناك الأناشيد الإسلاميّة والحماسيّة، وكذلك الأفراح الإسلامية التي تراعي حدود الشريعة، أقاموا المهرجانات التكريميّة بمناسبات دينيّة واجتماعية وتربويّة وغيرها.. وهكذا وجدوا ما يعبِّرون به عن أنفسهم ويخدمون به معتقدهم بأكثر من وسيلة بعيداً عن العنف والاعتداء.

مرَّت الأيام وقد صار هؤلاء الشباب رجالاً وأصحاب عائلات، نجح معظمهم في إنشاء أُسر متعلمة ومُنتجة، كما نجحوا في التأثير على محيطهم الاجتماعي بشكل إيجابي، ولمّا شُرّعت أمامهم أبواب المشاركة في الانتخابات ترشيحاً واقتراعاً فاز بعض هؤلاء الرجال بمراكز مرموقة، وهم اليوم يواصلون الدعوة إلى الله وإنك لتراهم راضين عمّا يفعلون.

(*)كاتب وصحافي لبناني
omaisali2000@gmail.com

عرض حول شركة AMT Business communication

الثلاثاء، 20 أبريل 2010

عبد الرحمن الكواكبي - أحد رواد التنوير العربي




طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد للكواكبي




عبد الرحمن الكواكبي (1854 - 1902 م) علامة سوري رائد من رواد التعليم ومن رواد الحركة الاصلاحية العربية وكاتب ومؤلف ومحامي وفقيه شهير ، ولد في حلب - سوريا كانت لعائلتة شأن كبير في حلب
ولد في سوريا سنة 1271 هجرية سنة 1854 ميلادية في (مدينة حلب ) والده هو احمد بهائي بن محمد بن مسعود الكواكبي ، والدته السيده عفيفة بنت مسعود ال نقيب وهي ابنة مفتي انطاكية في سوريا
عندما توفيت والدته عفيفــة آل النقيب وعمره ست سنوات ، كفلته خالته صفيه واصطحبته إلى بيتها في انطاكية ،حيث بقي هناك ثلاث سنوات ، عاد بعدها إلى حلب ليتعلم فيها على يـد الشيخ ‘طاهر الكلزي’ وبعد أن تعلم القراءة والكتابة، وأتم قراءة القرآن وحفظه، عـــاد إلى خالته، كي ترعــى تنمية علومه، فاستعانت بقريبها ‘نجيب النقيب’ ( أصبح فيما بعــــد أستاذا للخديوي عباس الذي كان على عرش مصر حين لجأ إليها الكواكبي) .‏
عاد إلى حلب التى كانت تزدهر بالعلوم والفقهاء والعلماء فدرس الشريعة والأدب وعلوم الطبيعة والرياضة في المدرسة الكواكبية التي تتبع نهج الشريعة في علومها ، وكان يشرف عليها ويدرّس فيها والده مع نفر من كبار العلماء في حلب .
كما انه لم يكتفِ بالمعلومات المدرسية، فقد اتسعت آفاقه أيضا بالاطلاع على كنوز المكتبة الكواكبية التي تحتوي مخطوطات قديمة وحديثة، ومطبوعات أول عهد الطباعة في العالم ، فاستطاع أن يطلع على علوم السياسة والمجتمع والتاريخ والفلسفة وغيرها من العلوم .
حياته
اصدار أول صحيفة باللغة العربية
بدأ الكواكبي حياته بالكتابة إلى الصحافة وعين محررا في جريدة الفرات التي كانت تصدر في حلب،وعرف ألكواكبي بمقالاته التي تفضح فساد الولاة ، ويرجح حفيده (سعد زغلول الكواكبي) أن جده عمل في صحيفة ‘الفرات’ الرسمية سنتين تقريبا ، براتب شهرى 800 قرش سورى . ‏
وقد شعر أن العمل في صحيفة رسمية يعرقل طموحه في تنوير العامة وتزويدها بالأخبار الصحيحة ، فالصحف الرسمية لم تكن سوى مطبل للسلطة،ولذلك رأى أن ينشئ صحيفة خاصة, فأصدر صحيفة ‘الشهباء’ (عام 1877) وهي أول صحيفة تصدر باللغة العربية وقد صدرت في حلب وسجلها بأسم صديقه كي يفوز بموافقة السلطة العثمانية ايامها وبموافقة والي حلب ،‏لم تستمر هذه الصحيفة طويلا، إذ لم تستطع السلطة تحمل جرأته في النقد، فالحكومة كما يقول الكواكبي نفسه ‘تخاف من القلم خوفها من النار’. ‏
بسبب حبة للصحافة والكتابة تابع جهاده الصحفي ضد الاستبداد فأصدر (عام 1879) باسم صديق آخر جريدة الـ’اعتدال’ سار فيها على نهج ‘الشهباء’ لكنها لم تستمر طويلا فتوقفت عن الصدور .
بعد أن تعطّلت صحيفتاه الشهباء و الاعتدال ، انكبّ على دراسة الحقوق حتى برع فيها، وعيّن عضوا في لجنتي المالية والمعارف العمومية في حلب ، والأشغال العامة (النافعة) ثم عضوا فخريا في لجنة امتحان المحامين للمدينة .‏
بعد أن أحس أن السلطة تقف في وجه طموحاته ، انصرف إلى العمل بعيدا عنها، فاتخذ مكتبا للمحاماة في حي (الفرافرة) - (احدى احياء مدينة حلب ) قريبا من بيته ، كان يستقبل فيه الجميع من سائر الفئات ويساعدهم ويحصل حقوق المتظلمين عند المراجع العليا ويسعى إلى مساعدتهم ، وقد كان يؤدي عمله في معظم الأحيان دون أي مقابل مادي،
حتى اشتهر في جميع انحاء حلب بلقب (أبي الضعفاء)‏.
تقلد عبدالرحمن الكواكبي عدة مناصب في ولاية حلب فبعد ان عين عضوا فخريا في لجنتى المعارف والمالية ، عين مديرا رسميا لمطبعة الولاية ، رئيسا فخريا للجنة الاشغال العامة في حلب وحقق في عهده الكثير من المشاريع الهامه التى افاد بها حلب والمناطق التابعة لها وفي 1892 عين رئيسا لبلدية حلب . استمر الكواكبي بالكتابة ضد السلطة التي كانت في نظره تمثل الاستبداد ، وعندما لم يستطع تحمل ما وصل اليه الامر من مضايقات من السلطة العثمانية في حلب التي كانت موجوده انذاك ، سافر الكواكبي إلى اسيا الهند والصين وسواحل شرق اسيا وسواحل افريقيا وإلى مصر حيث لم تكن تحت السيطرة المباشرة للسلطان عبدالحميد ، وذاع صيتة في مصر وتتلمذ على يدية الكثيرون وكان واحدا من أشهر العلماء.
مؤلفاته
الف العديد من الكتب وترك لنا تراثا ادبيا كبيرا من كتب عبدالرحمن الكواكبي طبائع الاستبداد و ام القرى كما ألف العظمة لله و صحائف قريش وقد فقد مخطوطين مع جملة اوراقه ومذكراته ليلة وفاته ، له الكثير من المخطوطات والكتب والمذكرات التى طبعت ومازالت سيرة وكتب ومؤلفات عبدالرحمن الكواكبي مرجعا هاما لكل باحث.
وفاته
توفي في القاهرة متأثرا بسم دس له في فنجان القهوة عام 1320 هجرية الموافق 1902 ميلادية حيث دفن فيها.
رثاه كبار رجال الفكر والشعر والادب في سوريا ومصر ونقش على قبره بيتان لحافظ إبراهيم:
هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى*** هنا خير مظلوم هنا خير كاتـب
قفوا وأقرأوا ((ام الكتب)) وسلموا*** عليه فهذا القبر قبر الكواكبي

بيوت الأدباء في لبنان






بيوت الأدباء في لبنان

التاريخ: ٢٠ ايار ٢٠٠٩


كثيراً ما نقرأ عن منازل الادباء الأجانب وطقوس كتاباتهم، إذ يعمد بعض المهتمين إلى تخليدهم من خلال لوحات تذكارية أو متاحف أو كتب أو مقالات طويلة ومفصلة في الصحف، لكن هذه الظاهرة تبدو ضعيفة في لبنان والعالم العربي، فاللوحات التذكارية للأدباء والمبدعين قليلة جداً أو هامشية لا تخص إلا المهتم بها، منها لوحة للمسرحي مارون النقاش في شارع "الجميزة"، وأخرى لصاحب مجلة "المكشوف" فؤاد حبيش في قرب بناية العازارية( وسط بيروت)، لكن معظم الأماكن التي كان يرتادها الأدباء في طريقها إلى الزوال في بيروت، أو هي لم تعد معروفة من مطعم فيصل إلى "الهورس شو" و"الدولتشي فيتا" و"المودكا" والويمبي و"الكافيه دي باري".

السؤال الملح أين هي منازل الأدباء والكتاب في لبنان. منزل الشاعر الاخطل الصغير(بشارة الخوري) في منطقة القنطاري يبدو فارغاً لا نعرف عنه شيئا كما مؤلفاته، ومنزل "شاعر الشعب" عمر الزعني في منطقة الظريف استحال مبنى سكنيا. بيت خليل مطران في بعلبك لم يبق منه إلا تمثاله في الساحة قرب القلعة أما مؤلفاته فمجهولة، ومنزل المفكر حسين مروة الذي اغتالته القوى الظلامية عام 1987 يسكن فيه نجله ولا تزال مكتبته كما هي، ولم يلجأ الحزب الشيوعي اللبناني(الذي كان ينتمي إليه حسين مروة) إلى تحويل المنزل متحفاً، علما بأن مروة اغتيل على سريره بسبب انتمائه السياسي.
محمود درويش الذي عاش سنوات طويلة في بيروت لا نجد لوحة تذكارية تكرمه، نعرف بيروته من خلال كتبه وهو الذي سكن في منطقة الفاكهاني، وأمضى سنوات في شارع الحمراء، في منزل يقطنه اليوم أحد المحامين. و المخرج الفلسطيني ناصر حجاج عمد إلى تصوير البيت في فيلمه الجديد عن محمود درويش. اليوم يتصارع الورثة والاصدقاء وغيرهم على من يكون النجم في موضوع إصدار ديوانه الأخير. الأرجح أن لا أحد يفكر في إنشاء متحف في منزل نزار قباني الذي كان يقطنه في بيروت في شارع متفرع من شارع مار الياس، بل أكثر ما فعله ورثته أنهم اصدروا وريقات متبقية له في كتاب جديد كانوا بغنى عنه.


حارة المجنون

كثر من الشعراء والكتاب العرب سكنوا في بيروت ولبنان، تركوا أثرهم في الكتابة ولكن المكان الذي عشقوه وكتبوا عنه كان عرضة للتحولات فلا شيء يبقى على حاله في بيروت المدينة المفتوحة على كل الإحتمالات والتحولات. إذا تأملنا في بيوت الأدباء التقليدية أو الأدباء الذين ارتبطوا بالذاكرة المدرسية أو الذاكرة اللبنانية من جبران إلى أمين الريحاني ومارون عبود وتوفيق يوسف عواد ففي السنوات الاخيرة كثر الحديث عن منزل الشاعر الياس ابو شبكة الذي حولته بلدة زوق مكايل متحفاً. كان للمنزل وقعه في وسائل الاعلام لأن رئيس بلدية زوق مكايل نهاد نوفل بات محترفا في العمل البلدي، واهتماماته باتت معروفة في هذا المجال، ولمنزل أبو شبكة قصته إذ إن بعض اللبنانيين يقول عن منزل أبو شبكة "هذه حارة المجنون"، وهذه الصفة ليست محمودة في لبنان كما هو الحال في فرنسا، الجنون في لبنان هو آفة الآفات عند العامة.

كان منزل الياس ابو شبكة مهددا بالجرف إذ تمّ بيعه لتشييد بناء مكانه في السبعينات، فعاجل رئيس البلدية نهاد نوفل إلى توقيف عمل الجرافة وباشر في تحويله متحفاً بعدما استملكته البلدية. بدأت الحرب فسكن فيه مهجرون وتحوّل البيت إلى محل لبيع الأحذية. لم تستعد البلدية البيت إلا أواخر الثمانينات، بعدما تعرّض لعملية تشويه لبعض معالمه، وخصوصاً أبيات شعرية كان الشاعر كتبها على جدران المنزل. بوشرت عملية طويلة من الترميم، لا سيما أن البيت كان بدأ يتداعى كلياً وبعض الأبيات التي كتبت على الحائط فقدت وبقيت بعض الرسوم. منزل الياس ابو شبكة تحول متحفا، يحتوى الكثير من ذاكرته، على المدخل صورة كبيرة للشاعر. هناك وثائق وأبيات شعر له، صوره مع أبيات شعرية بخط يده وصور حبيبتيه "غلواء" و"ليلى" ووالديه... سريره وخزانته وحتى غرفة الجلوس التي كانت في بيته أعيد تأهيلها واستعمل النول عينه الذي حيكت به الكراسي.

وصف الأديب مارون عبود حارة أبو شبكة في كتابه "جدد وقدماء" قائلاً: "بيت مستور. تدخل ذلك البيت، وهو ما زال كما تركه المورّث فتراه حارة تدل على يُسر صاحبها، فحيطانها مدهونة وأرضها مفروشة بالبلاط الرخامي، وغرفها واسعة وعالية والدار فسيحة، وهذا هو طراز البناء البرجوازي اللبناني كأنما أعد ذاك البيت الرفيع العماد ليأوي إليه شاعر ثائر شقي يائس تأبى عليه أنفته أن يظهر أمامك في مباذله، فاستطاب شقاءه والشقاء هو الحياة بل لا لذة للحياة إذا لم يكن الشقاء". يروي ميخائيل نعيمه عن ليلة قضاها في منزل أبي شبكة بعد إلحاح الأخير، يقول:"ونمنا ليلتنا الأولى في غرفة واحدة، ولكم سرّني عند النوم أن أشاهد مضيفي يستوي في سريره ويصلّي بحرارة المؤمن…". ويتابع نعيمه: "في صباح الأحد التالي أخبرني الياس عن قصيدته "غلواء" (غلواء حبيبة الشاعر) وقد أوشك أن يفرغ من نظمها، فطلبت أن أسمعها، واشترطت أن يكون ذلك لا داخل جدران أربعة، بل في الهواء الطلق بعيداً عن الناس وبين الأعشاب والأزهار. وهكذا كان، فخرجنا إلى جهة من الزوق اكتست تربتها حلة فاتنة من بكور الزهر والعشب، وهناك جلسنا ومن فوقنا سماء صافية زرقاء، ومن حولنا نسيم زهر ناعس، وأمامنا بحر شاسع، وراح يقرأ ورحت أصغي".
تحول منزل الياس أبو شبكة متحفا ولكن المثير للتعجب أن لا أحد من الجيل الجديد من الشبان يعرف مؤلفات هذا الشاعر الكبير، هل يفكر أحدهم في طباعة مؤلفاته الشعرية؟ ومن السخرية أنه خلال افتتاح متحف أبو شبكة طبع كتاب وحيد له وهو "العرب والفرنجة" ولم يترافق هذا الاحتفال بمتحفه مع إصدار جديد لأعماله والاحتفاء بنتاجه الكبير والأساسي والبالغ الاهمية في الشعر اللبناني والعربي والنهضة الأدبية العربية والفكرية. كثيرا ما يكتب الشاعر بول شاوول عن غياب مؤلفات الرواد في لبنان، أما الشعراء الشبان فلا يبدو أنهم على علاقة بالشعر الكلاسيكي أو الكلاسيكي الحديث.

مارون عبود

حين نذكر مارون عبود نتذكر بلدته عين كفاع، بل نتذكر كنيته فهو أسمى ابنه البكر محمد فصار "أبو محمد"، كأنه بذلك اخترق "تابو" الطوائف اللبنانية التي نعرف كل واحدة منها من أسماء ابنائها، إذ الاسماء تدل على الانتماء والولاء، مع الأديب مارون عبود يبدو للولاء معنى آخر، فيه شيء من المثالية في بلد يضج بالأحلام والكوابيس. مارون عبود أيضا نفتقد مؤلفاته في المكتبات اللبنانية وإن حوِّل منزله في بلدة عين كفاع متحفا يدل على أهميه هذا الناقد والاديب.
يقع بيت مارون عبود في وسط الضيعة، يحتوي نتاجه الأدبي من خلال غلافات جميع مؤلفاته الكاملة إضافة إلى المجلات والصحف التي حرر فيها. هناك عدة مقالات وأحاديث مخطوطة ومقالات نشرت في جريدة "الروضة" (1906-1907) وفي جريدة "النصير" (1907) وفي جريدة "الحكمة" و"الوطن" ما بين 1909 و1914 وعددها 1327 . هناك أيضا رسائل مرسلة إليه وعددها 2150، ورسائل أرسلها هو، مخطوطاتها باقية وعددها 630، إلى جانب قصاصات ورؤوس أقلام وعددها 4530. البراءات والشهادات والأوسمة التي حاز عليها مارون عبود أُفرد لها مكاناً خاصاًً في البيت المتحف و في خانة الصور الفوتوغرافية، نرى وجوهاً وأسماء كثيرة، بعضها عايشها مارون عبود وتعرّف إلى البعض الآخر من خلال الكتب. الصور تعود إلى شخصيات لعبت أدواراً مهمة سياسياً أو فنياً أو روحياً. هناك قائمة أغراضه الخاصة، غليونه، خاتمه، ساعة جيبه، وساعة المكتب، أدوات القهوة الخاصة به، كؤوسه، كسارة لوز، مصباح علاء الدين، دكتيلو قديم، وأدوات الطعام الخاصة به. الصالة المجاورة للقاعة الرئيسية تابعة لدار مارون عبود للنشر، وفيها لوحات زيتية لأدباء تعاملوا مع هذه الدار فنشرت لهم مؤلفاتهم أمثال: خليل مطران، أديب اسحق، بطرس البستاني، كرم البستاني، فرح أنطون، إبراهيم ووردة وناصيف اليازجي.
يقول د. رياض نظير عبود (حفيد مارون عبود) إن فكرة إنشاء متحف لمارون عبود بدأت مع أولاده نظير ونديم ومحمد في أوائل السبعينات بمجهود فردي، ومع بداية الحوادث في لبنان توقف العمل في المتحف. استأنف حافظو إرث مارون عبود العمل في فترة لاحقة وأضافوا بناءً جديداً على البيت الذي تركه قبل أن يتوفاه الله في حزيران من العام 1962. يحتوي المتحف لوحة زيتية تدل على ذلك.


قل كلمتك وامش

منزل الأديب والرحالة أمين الريحاني في "الفريكه" الذي حول جزء منه إلى متحف تحت رعاية عائلته فتح أبوابه صيف 1953. ثمة قاعة للوفود وللحلقات الدراسية والندوات الأدبية والفنية والثقافية بصورة منتظمة ودورية. أفردت، منذ العام 1997، صفحة خاصة مفصلة ومصورة للمتحف على موقع الريحاني الدولي، ويضم مؤلفاته باللغتين العربية والإنكليزية ومخطوطات نادرة وصورا له مع ملوك عرب، وعنوانه www.ameenrihani.org


سقف بيتي حديد

حفظنا في أيام الدراسة قصيدة "الطمأنينة" (سقف بيتي حديد/ ركن بيتي حجر) للأديب ميخائيل نعيمة، كنا نتخيل هل يكون بيت هذا الاديب مثل قصيدته؟ كذلك علقت في ذاكرتنا علاقته بالشحرور والسنديانة وباتت بسكنتا في ذاكرتنا تعادل السنديان والشحرور. هكذا كان للأديب أن يصنع صورة بلدته في أذهان محبيه. ربما تكون بسكنتا في الواقع أجمل من الكلام المكتوب لكن فضل الكاتب أن يسلط الضوء على معالمها. قارئ ميخائيل نعيمة وزائر بسكتنا يلاحظ أن الأديب والبلدة من نسج بعضهما. نعيمة كتب الكثير من نصوصه عنها تحت سنديانة منزله المطلّ واستلهم من جبالها ووديانها وطبيعتها الوعرة و في العـام 1999، تمـت إقامة نصب قرب منـزل الأديب حيث الغرفة الصخرية التي كان يكتـب فـيها وأقيــم له تمثــال يمـثل وجـهه.


جبران

لعل الأديب والشاعر اللبناني الأشهر الذي ترك وراءه صيتا عالميا هو جبران خليل جبران، حيث أقيم له متحف في بلدته بشري، فيه بعض لوحاته التي رسمها وجزء من أثاث بيته في بوسطن لكن المتحف لم يكن منزل جبران إنه مسكن قديم اشترته عائلته وتحول متحفا يضم لوحاته ومقتنياته وهو في منطقة يمكن وصفها بالمتحف الطبيعي ومن يزور تلك المنطقة يعرف أهميتها.
هناك الكثير من البيوت لأدباء لبنانيين لكن حضورها في النسيج الإعلامي يبدو خافتا وضئيلا، فمعظم الورثة يمحون أثر الأدباء بعد رحيلهم.

حين حاولنا الاستفسار من بعض المثقفين عن زياراتهم إلى منازل الكتاب والشعراء في لبنان، بدا السؤال مثيرا للسخرية بالنسبة لهم، قال أحدهم إن الحانات أهم منزل للشعراء والشعر ليس في المتاحف.


محمد محمود الحجيري

الأحد، 18 أبريل 2010

عقل القطة ثورة تقنية جديدة


عقل القطة ثورة تقنية جديدة
إيلاف
GMT 14:13:00 2010 الجمعة 16 أبريل



السباعي عبد الرءوف: يستطيع عقل القطة التعرف على الوجوه بشكل أسرع وأكثر كفاءة من الحاسوب العملاق، لذلك تم اتخاذ هذا العقل كنموذج لمشروع الكمبيوتر البيولوجي الذي تعمل عليه حالياً جامعة ميتشجان، ولقد قام مهندس الكمبيوتر (وي لو) بالخطوة الأولى نحو تطوير هذا النوع من الحواسب والذي يعد ثورة في عالم التقنية إذ يمكنه التعلم والتعرف على الأشياء والأشخاص كما أنه قادر على اتخاذ قرارات معقدة وأداء مهام أكثر بكثير من المهام التي تؤديها الحواسب العادية.

ولقد استطاع (وي لو) أن ينشيء وحدة بيولوجية لتحل محل الترانزيستور العادية وأطلق عليها اسم (MEMRISTOR) وهذه الوحدة لديها القدرة على تذكر الفولتات الكهربية التي تعرضت لها، ثم قام بإثبات أن تلك الوحدة من الممكن ربطها بالدوائر التقليدية لتدعيم العمليات التي هي أساس الذاكرة والتعلم في النظم البيولوجية.

ويقول(لو)وهو أستاذ مساعد في قسم الهندسة الكهربية وعلوم الباحث الآلي جامعة ميتشجان :" نحن نبني كمبيوتر يعمل بنفس الطريقة التي يعمل بها الدماغ، ونعمل على تنفيذ نموذج مختلف تماماً بالمقارنة بأجهزة الكمبيوتر العادية، ونحن لا نطمح لعمل كمبيوتر يشبه مخ الإنسان ولكن هدفنا هو عمل كمبيوتر يمتلك قدرات عقل القطة، ولكننا ما زلنا نعاني من صعوبة بالغة للوصول لنفس درجة التعقيد والكفاءة".

وأضاف بأن الكمبيوتر الذي تم انجازه ليقوم بمهام معينة من وظائف المخ في القطط عبارة عن آلة ضخمة ويحتوي على أكثر من 140.000 وحدة معالجة مركزية وبالرغم من ذلك ما زالت قدرته على إجراء العمليات أبطأ 83 مرة من مخ القطط.

وأشار(لو) إلى أنه في أجهزة الكمبيوتر التقليدية توجد وظائف الذاكرة والمنطق في أجزاء مختلفة من الدائرة وكل وحدة من وحدات الذاكرة تتصل فقط بالوحدة المجاورة لها، ولذلك تقوم الحواسيب التقليدية بتنفيذ الأوامر بطريقة خطية فتكون ممتازة في أداء المهام البسيطة نسبياً مع التغييرات المحدودة، ولكن في الدماغ يمكن إجراء العديد من العمليات في وقت واحد وبشكل متواز فيمكننا التعرف على الوجوه تلقائياً، أما الحاسوبات –حتى العملاقة منها- فتستهلك وقتاً وطاقة أكبربكثير للقيام بذلك .

ولقد قام (وي لو ) بتوصيل وحدة بيولوجية ( MEMRISTOR) مع اثنين من الدوائر الإلكترونية، وأثبت أن هذا النظام قادر على التذكر والتعلم ويعطي نوعاً من المرونة تشبه مرونة الإتصال بين الخلايا العصبية، ويقول(لو) أن الخطوة القادمة هي بناء منظومة أكبر، وتحويل هذا الحاسوب العملاق لحجم لا يتجاوز2 لتر، وهو يعلم أن هذا الأمر قد يستغر ق سنوات عديدة .

ويؤكد (وي لو ) أن الكمبيوتر الجديد سيكون له نفس ذكاء القطط وستكون لديه القدرة على التفكير بشكل مخالف للأجهزة العادية، وعلى سبيل المثال : لو كانت مهمة الكمبيوتر العادي إيجاد أقصر طريق من الباب الأمامي للأريكة في منزل ملي ء بالأثاث فسيكون قادراً على ذلك ولكن إذا تم تغيير مكان الأريكة فلن يستطيع القيام بهذا الأمر وهو الشيء الذي يمكن للكمبيوتر الجديد القيام به حيث يكون لديه مرونة أكبر من أجهزة الكمبيوتر التقليدية.
المصدر : جريدة إيلاف الإلكترونية

سيناريو التوطين في تقرير اوروبي!

سيناريو التوطين في تقرير اوروبي!
15 نيسان 2010 أنطوان الحايك - "النشرة"

نقل دبلوماسي اوروبي عن تقرير استخباري غربي ان سيناريو يجري العمل عليه راهنا من قبل دول القرار يقضي بترحيل الفلسطينيين الذين لجأوا الى لبنان منذ ما بعد العام 1975 الى دول عربية وصفها بالساخنة نسبيا، وتوطين المسجلين لدى منظمة غوث اللاجئين في لبنان، وذلك بعلم وتسهيل من بعض القادة اللبنانيين، وموافقة وتنسيق من بعض الدول الاقليمية والعربية التي باتت على يقين بكل ما يتضمنه هذا المشروع من سيناريوهات وتفاصيل واليات تنفيذ.
وفي حين كانت "النشرة" قد تطرقت في الحلقة السابقة الى خلفيات احداث قوسايا الهادفة الى ترحيل السلاح الفلسطيني من خارج المخيمات الى داخلها لتشديد القبضة السورية على سائر الفصائل الفلسطينية الدائرة في الافلاك المصرية والسعودية بتسهيل غربي وعربي، يتابع الدبلوماسي الغربي الحديث عن السيناريو الغربي فيعتبر ان مجرد اكتمال هذه العناصر يعني تفجير الوضع من داخل المخيمات في حركة تصفيات سياسية لمعارضي هذا التوجه، يليه حملة اعتقالات وابعاد وما الى ذلك من تحركات غالبا ما تواكب الاشكالات الامنية وعمليات اعادة التموضع.
وفي موازاة ذلك، يكشف الدبلوماسي ان الاتجاه ينحو صوب ترحيل عدد لا بأس به من فلسطينيي المخيمات غير المسجلين لدى ادارة غوث اللاجئين في لبنان، والذين قدموا للمساعدة العسكرية في فترات الحرب اللبنانية الممتدة منذ سبعينات القرن الماضي الى ما بين الحدود الليبية - المصرية من جهة والى مناطق اخرى في العراق مع التشديد على الدول المضيفة على ضرورة اعطاء حق لم الشمل في حركة دمج واسعة للفلسطينيين بما يسمح لهم بالانتقال بين لبنان وسوريا والاردن وسائر الدول العربية المعنية، وكل ذلك بتمويل عربي من جهة وبرعاية غربية واوروبية من جهة ثانية وبتزامن كامل ودقيق مع حوافز عملية ومالية واقتصادية واجتماعية تقدمها الشركات المستثمرة على شكل مشاريع تعطى فيها الاولولية للعمالة الفلسطينية لقاء رواتب مرتفعة وحق الاقامة والعمل واستقدام العائلة بما يشبه الهجرة القسرية في ظل تظييق في مخيمات لبنان.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه الدبلوماسي المعني ان هذا السيناريو وضعته ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما على نار حامية بحيث بدأت ملامحه تظهر للعيان وتجيب عن اكثر من سؤال كانت قد طرحته الاوساط السياسية المحلية على غرار السر الذي يقف وراء السماح لسوريا باستعادة دورها كاملا بعد عزلة خانقة كانت تودي بنظامها، او العصا السحرية التي تمكنت من حل الازمة السورية - السعودية بعد طول جفاء وبالتالي قبول المملكة بلعب دور الكومبارس بعدما تصدرت ادوار البطولة في ما يخص ادارة السنية السياسية في لبنان، او حتى الحديث المتنامي عن الملف الفلسطيني حتى كاد يصبح خبز السياسة اللبنانية اليومي، يعود ليؤكد ان الدول المعنية حددت فترة سنتين لتنفيذ هذا السيناريو كاملا، على ان تواكبه الحكومة اللبنانية باعطاء حق العمل والاقامة والطبابة لمن تبقى من الفلسطينيين في لبنان.

وكر للرزيلة تديره فنانة قديرة

وكر للرزيلة تديره فنانة قديرة
15 نيسان 2010 -



علمت عصفورة النشرة ان الممثلة العربية المقيمة في لبنان (والتي شاركت في دور بارز في مسلسل رمضاني ضخم عُرضت منه 3 أجزاء والجزء الرابع والاخير سيُعرض في رمضان المقبل) حولت شقتها في جونيه الى مكان مريح يقصده الاثرياء ورجال الاعمال وعارضات الازياء بصورة يومية نظراً لأعمالها المزدهرة في تجارة الرقيق ،فهي احضرت كل وسائل الراحة واقامت جناحاً للعب القمار وجناحاً اخر للفرفشة والسهرات العامرة بكل الممنوعات،وعلى رأس زبائن هذه الممثلة الكبيرة عمرا وقدرا مذيعة تلفزيونية صغيرة و جميلة والغريب في الامر ان زوج المذيعة هو من يصطحبها بنفسه الى وكر الرزيلة هذا.
المصدر : موقع النشرة الإلكتروني

مصاصو الدماء في لبنان يخيفون دراكولا- عن موقع النشرة الإلكتروني

مصاصو الدماء في لبنان يخيفون دراكولا
16 نيسان 2010

لو كنا نعيش في رومانيا ونتحدر من اسرة غمرتها الاساطير ولاحقتها على انها متحدرة من عائلة الكونت دراكولا الذي الصقت به صورة "مصاص الدماء" (بفضل الروائي البريطاني برام ستوكر)، لكنا اكثر تفهماً للبيئة التي نعيش فيها.
وفق الرواية، اعتاد دراكولا قتل ضحاياه من البشر والعيش على دمائهم، وهو فريد من نوعه. اما في لبنان، فالضحايا يتكاثرون وكذلك الامر بالنسبة الى مصاصي الدماء الذين باتوا ينهالون على اعناق المواطنين ولا يتركونهم الا جثثاً هامدة. هذا هو التفسير الوحيد الممكن اعطاؤه للوضع المعيشي الذي يعاني منه اللبنانيون، فمصاصو دماء اللبنانيين متواجدون في كل مكان بدءاً من المسؤولين الذين يحتارون في كيفية سحب الاموال من افواه العمال، مروراً بأصحاب العمل الذين يحكمون بدكتاتوريتهم المستندة الى امبراطورية مالية بناها معظمهم على انقاض المبادىء والقيم الانسانية، وصولاً الى التجار الذين يتستّر معظمهم بالسوق الحرة لـ"يكمنوا" للمواطن عند كل دكان و"سوبرماركت" ومنتج يستهلكه اللبناني الى اي عمر انتمى.
حتى في رواية دراكولا ظهر من يدافع عن الضحايا، اما في لبنان فقد استقال هؤلاء من عملهم حتى قبل ان يبدأوا، فالوزارات المعنية تتحجج بقلة الموارد البشرية والمادية للقيام بعملها وفق ما يلزم، والقضاء هو آخر ما يفكر فيه اللبناني لتحصيل حقوقه، وجمعية حماية المستهلك باتت تطلب بدورها حماية من المواطن، وفي غضون ذلك يسرح "مصاصو الدماء" ويمرحون فيفاجأ اللبناني عند كل وقفة له بزيادة الضرائب على المواد المستهلكة فترتفع اسعار المحروقات مثلاً وفقاً للسلم العالمي المتحرك، فيما لا يتم الاعتراف بهذا السلم عند نزول الاسعار، اما اسعار المواد الاستهلاكية والغذائية وحتى المشروبات الروحية منها والغازية، فتأخذها سياسة المد والجزر بين "سوبرماركت" واخرى او بين "دكان" وآخر رغم ان المادة لا تتغير وغالباً ما يكون مصدر دخولها الى لبنان واحداً. اما تحكم اصحاب العمل بالموظفين فحدث ولا حرج، حيث تغتصب حقوقهم على مرأى من الجميع ويتحكمون بهم لعلمهم ان هؤلاء الموظفين يحتاجون الى رواتبهم الشهرية رغم انها لا تكفي لسد حاجات عائلاتهم لمدة اسبوعين، فيما يبذخ اصحاب العمل حتى الهدر على اولادهم واحفادهم وكأنهم يستحقون حياة افضل من غيرهم.
وما يزيد الطين بلة، هو انه حين يحاول المواطن ان يشكو من وضعه الذي لا يحتمل، تراه يصبح هو المرجعية التي يجب عليها ان تتحمل شكاوى المعنيين فيخرج الوزراء لينعوا اوضاع وزاراتهم، ويبكي التجار لسوء الوضع المالي والاقتصادي، وترثي جمعية حماية المستهلك لوضعها المتردي، ويعتذر القضاء عن عدم قدرته على القيام بواجبه لاعتبارات سياسية ومالية وامنية وبشرية، يندب التجار حظوظهم لارتفاع الاسعار، فيقوم المواطن بـ"التبرع" بكل ما يملك لسد حاجات هؤلاء المساكين، ويدفع الفواتير العالية من ماله ومن... دمه.
مسكين "دراكولا" فهو اتّهم بأنه مخيف ومصاص دماء فريد من نوعه، ولكن من المؤكد انه لو قدم الى لبنان لاستمات في الدفاع عن حياته ودمائه من الفصيلة الاعرق والاكثر خبرة في مص دماء المواطنين والتي لا ترى فيهم سوى كمية جامدة من المال يجب الحصول عليها، فيما تضع جانباً كل الاعتبارات الاخرى التي تجعل من المواطن انسان من لحم ودم.

المتابعون